فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت» (١). وفي الروايات التي وردت في الكتب العربية وكتب التفسير بيانات أخرى بالإضافة إلى ما جاء في حديث ابن عباس. من ذلك أن سواعا الذي كانت تتخذه هذيل كان في رهاط من أرض ينبع. وفي رواية أنه اسم صنم لهمدان وفي رواية أنه اسم صنم لذي الكلاع وكان على صورة امرأة وأن يغوث كان لمذحج وأهل جرش في اليمن وأن من عبدته بني غطيف من مراد وأنه ابن سواع وكان على صورة أسد وأن يعوق كان لهمدان وخولان في أرحب وفي رواية أن قبيلة خيوان كانت تعبده وأنه على شكل فرس. وأن نسرا كان على شكل طير. وقد قرىء على كتابة لحيانية بالشين بدلا من السين. وأن ودّا الذي كان لبني كلب كان على صورة رجل ، وقد قرىء على كتابات يمنية قديمة كمعبود من معبودات اليمن القديمة وكان يرمز إلى القمر. وقد رويت أسماء رجال جاهليين بأسماء بعض هذه الأصنام مضافا إليها كلمة (عبد) مثل (عبد ودّ) و (عبد يغوث) (٢).
وعلى كل حال فالمتبادر أن العرب في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم وقبله بقليل كانوا يتداولون بينهم أن هذه الأسماء هي أسماء معبودات قوم نوح ثم اقتبسوها وربما عربوها وسموا بها أصناما لهم. وكان ذلك في طور أقدم من طور العربية الفصحى التي نزل بها القرآن فاحتفظوا بها كما هي لأنها دخلت في نطاق القدسية الذي لا يسهل تجاوزه. وقد يدل هذا على أنهم كانوا يتداولون قصة نوح وقومه ومن هنا كان الإلزام واردا في صدد قصة نوح وهدفها في السورة وغيرها. وهذا بالإضافة إلى أنهم لا بد من أن يكونوا عرفوا هذه القصة من طريق أهل الكتاب الذين بين ظهرانيهم والذين وردت القصة في أسفارهم بإسهاب على ما شرحناه في مناسبات سابقة.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٢٤٥.
(٢) انظر تاريخ العرب قبل الإسلام جواد علي ، ج ٥ ص ٨٢ وما بعدها.