والنبطية والحبشية والبربرية والعبرانية والسريانية من حيث إن الله أرسل نبيه إلى جميع الأقوام فاحتوى القرآن من جميع اللغات. وقد يكون حقا أن لهجة قريش التي كانت لهجة النبي صلىاللهعليهوسلم وبيئته في الدرجة الأولى والتي نزل بها القرآن متطورة مع الزمن عن لهجات العرب قبل نزول القرآن لأسباب وعوامل مختلفة. وقد يكون حقا أن في القرآن ألفاظا معربة من اللغات الأعجمية من فارسية ورومية وعبرانية وسريانية وقبطية أعلاما وغير أعلام دخلت على اللهجة العربية القرشية وجرت مجراها وصارت جزءا منها قبل نزول القرآن كذلك. غير أن العجيب في الأمر الذي لا يؤيده عقل ولا نقل أن يقرر كون ذلك للتوفيق بين عموم الرسالة المحمدية وبين نزول القرآن باللغة العربية واللهجة القرشية. والدراسات أثبتت أن هذه اللهجة كانت هي الشاملة إجمالا لجميع العرب في جميع أنحاء جزيرة العرب وأطرافها حين نزول القرآن بل قبل نزوله بمدة غير قصيرة ومن الأدلة القرآنية على ذلك وصف غير اللغة العربية التي نزل بها القرآن باللغة الأعجمية في آية سورة النحل هذه : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (١٠٣) والآيات العديدة التي ذكر فيها أن الله قد جعله عربيا وأنزله عربيا لقوم يعلمون ويعقلون ولعلهم يعلمون ويعقلون كما جاء في آيات سور فصلت [٣ و ٤٣] والشورى [٧] والشعراء [١٩٣ ـ ١٩٥] والرعد [٣٧] ويوسف [٢] والزمر [٢٧ ـ ٢٨] وآيات الزمر مهمة في بابها حيث تنطوي على تقرير كون القرآن مأنوسا لا تعقيد فيه ولا عوج يفهمه جميع الناس على ما شرحناه في سياق تفسيرها. ومن الأدلة المتواترة اليقينية أن القرآن كان يتلى على مختلف فئات العرب على اختلاف منازلهم في أنحاء الحجاز وغير الحجاز من جزيرة العرب وأطرافها فكانوا يفهمونه ويجادلون فيه وأن النبي كان يتحدث إليهم ويكتب لهم بلسانه في العهد المكي ثم في العهد المدني وبدليل أن ما أثر وعرف يقينا من كلام العرب قبل الإسلام والعائد إلى مائة سنة هو مماثل في ألفاظه ومفرداته وتراكيبه لألفاظ ومفردات وتراكيب القرآن.
ولقد وقف المفسرون أمام إشكال كون القرآن عربيا وكون رسالة النبي محمد