فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (٣٨) فاستحكمت الحجة والإنذار فيهم.
وتعبير (أَخا عادٍ) هو من التعابير العربية المألوفة ، ويراد به الإشارة إلى أن رسول عاد كان منهم كما هو الحال في رسول الله إلى العرب. وهذا الرسول هو هود عليهالسلام الذي تكررت حكاية قصته في سلاسل القصص السابقة ووصف فيها بأنه أخو عاد.
ولقد روى البغوي بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن عائشة قالت : «ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم مستجمعا ضاحكا حتّى أرى منه بياض لهواته وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه فقلت يا رسول الله إنّ الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون المطر وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال : يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذّب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا» (١). وحديثا آخر عن عائشة أيضا قالت : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا رأى مخيلة تغيّر وجهه وتلوّن ودخل وخرج وأقبل وأدبر فإذا أمطرت السماء سرى عنه وذكرت له الذي رأيت قال : وما يدريك لعلّه يا عائشة كما قال قوم عاد (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) الآية [٢٤] فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم». وأورد ابن كثير بالإضافة إلى الحديثين حديثا آخر في سياق الآيات رواه الإمام أحمد عن عائشة كذلك قالت : «إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا رأى ناشئا في أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته ثم يقول : اللهمّ إني أعوذ بك من شرّ عاقبته فإن كشفه الله تعالى حمد ربّه عزوجل وإن أمطر قال اللهمّ صيبا نافعا». حيث ينطوي في الأحاديث صورة من صور مواقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند بعض الآيات استشعارا بما فيها من عبرة ونذير وإشراكا للمسلمين في هذا الاستشعار.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى
__________________
(١) روى هذا الحديث الأربعة أيضا البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود. انظر التاج ج ٤ ص ٢٠٨.