قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)) [٥ ـ ٨]
(١) أيام الله : بمعنى عذاب الله في الأمم السابقة. وتعبير الأيام عند العرب يعني الحروب ووقائعها والشدائد والمصائب.
(٢) تأذّن : قطع على نفسه عهدا.
في الآيات تذكير برسالة موسى لقومه : فقد أرسله الله بآياته ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويذكرهم بأيام الله مع غيرهم. وقد قام بالمهمة فذكّر قومه بنعم الله عليهم حيث نجاهم من عذاب فرعون الذي كان من جملته تذبيح ذكورهم واستحياء نسائهم واستعبادهن. وقال لهم فيما قال إن الله قد أخذ عهدا على نفسه بأن يزيدهم من نعمه إذا هم أدوا حقه من الشكر كما أنه أعدّ لهم عذابه الشديد إذا كفروا ، وقرر لهم أن شكرهم وكفرهم إنما يعود نفعهما وضررهما عليهم وحدهم وأنهم لو كفروا هم ومن في الأرض جميعا لما أزعجوا الله الذي هو غني عن كلّ أحد والذي هو المحمود بذاته سواء شكره الناس أم لم يشكروه.
والمتبادر أن الآيات جاءت بمثابة تعقيب على موقف الكفار العرب والحملة عليهم مما هو متسق مع أسلوب سياق القصص القرآنية. فكفار العرب انحرفوا عن الطريق الحق فأرسل الله رسولا منهم يخاطبهم بلغتهم ليهديهم ـ على ما جرت عليه سنّته ـ ومن ذلك رسالة موسى إلى قومه. ويلفت النظر إلى التشابه في الخطاب حيث احتوى مطلع السورة أن الله أنزل الكتاب على النبي ليخرجهم من الظلمات إلى النور وأن هذا كان شأن موسى أيضا. ولقد كان العرب يعرفون رسالة موسى وقصصه في قومه وفي فرعون فجاء التذكير محكما ملزما. وقد تكون حكمة التنزيل