صادرا عن قلب طاهر سليم. وقد تكرر هذا المعنى في آيات كثيرة مرّت أمثلة عديدة منها.
ومن مفارقات غلاة مفسري الشيعة العجيبة قولهم في صدد هذه الآية إنها مثل مضروب لمن لم يقرّ بولاية علي فإنه يكفر ويبطل كل عمل له (١) ... ومؤدى الرواية أن عليّا هو ربّ الناس.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)) [١٩ ـ ٢٠]
(١) عزيز : هنا بمعنى ممتنع أو متعذر.
المتبادر أن الآيتين جاءتا معقبتين على الآية السابقة. والخطاب فيهما موجه إلى السامعين وإن كان جاء في أول الآية الأولى بصيغة المفرد وفي آخرها بصيغة الجمع بل ولعلّه موجه إلى الكفار منهم. والسؤال الذي بدأت به الآية الأولى في معنى تقرير أمر يعرفه أو يعترف به السامعون. وهكذا تكون الآية الأولى قد تضمنت تقريرا بكون السامعين يعترفون أن الله هو الذي خلق السموات والأرض وبكون ذلك يستتبع أن يكون قد خلقهما بالحق وأن يكون قادرا على إفناء السامعين والناس والإتيان بخلق جديد ، وأكدت الآية الثانية قدرة الله على ذلك وعدم عجزه عنه وامتناعه منه.
والمتبادر أن المقصود من كلمة الحق في مقامها تقرير كون الله عزوجل لم يخلق السموات والأرض عبثا وإنما خلقهما لحكمة سامية ، وهو ما قررته آيات كثيرة مرّت أمثلة منها. وعلى ضوء الآية السابقة للآيتين وعلى ضوء تلك الآيات التي منها آيات سورة الذاريات هذه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) ما
__________________
(١) التفسير والمفسرون للذهبي ، ج ٢ ص ٧٠.