يمكن أن يحصوها كثرة وتنوعا ومنها إنزال الماء من السماء وإخراج ثمرات الأرض بها وتسخير الفلك والبحار والأنهار والشمس والقمر والليل والنهار لمصالحهم وفائدتهم ، وانتهت بتنديد لاذع للإنسان الظلوم الكفّار.
والتنديد وإن جاء مطلقا وقد ينطوي فيه التنديد بخلق عام في بني الإنسان وهو خلق الجحود لنعم الله إلّا أن روح الآيات تجعله مصروفا إلى الجاحدين لنعم الله المشركين به المناوئين لرسله الداعين إليه بنوع خاص. ولما كان الكفار المشركون موضوع تنديد في الآيات السابقة فتكون هذه الآيات متصلة بالسياق اتصال تنبيه وتنديد وتعقيب كما هو المتبادر.
وأسلوب الآيات رائع قوي نافذ إلى القلب والعقل وموجه إليهما في الوقت نفسه. ولقد جاء مثلها في سور سابقة. وعلقنا عليها كما علقنا على ما يفيده تعبير تسخير قوى الكون للناس بما يغني عن التكرار.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١)) [٣٥ ـ ٤١]
(١) البلد : هنا كناية عن مكة.
(٢) بيتك المحرم : كناية عن الكعبة.