(لا تزول) وهناك تخريجات متعددة للكلمة حسب ذلك. منها أنها بمعنى أن الجبال تكاد تزول من شدة مكرهم. ومنها أنها بمعنى أنهم مكروا لأجل أن تزول الجبال. ومنها أنها بمعنى أنهم مما اشتدّ مكرهم لا يمكنهم أن يزيلوا الجبال وبالتالي لا يمكنهم أن يزيلوا الدعوة النبوية الراسخة القوية كالجبال. والأكثر على التخريج الأول الذي قالوا إنه من باب آيات سورة مريم هذه : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (٩٢) وهو الأوجه فيما هو المتبادر.
ولقد أورد الطبري وغيره روايات عديدة في صدد جملة (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) استوعب الطبري معظمها أو كلها. منها حديث عن زيد قال : «أرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى اليهود فقال : هل تدرون لم أرسلت إليهم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة وكلما جاؤوا سألهم فقالوا تكون بيضاء مثل النقي» وحديث عن سهل بن سعد قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي». وحديث عن أبي هريرة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يبدل الله الأرض غير الأرض والسموات فيبسطها ويسطحها ويمدّها مدّ الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة مثل مواضعهم في الأولى ما كان في بطنها ففي بطنها وما كان على ظهرها كان على ظهرها وذلك حين يطوي السموات كطي السجلّ للكتاب ثم يدحو بها ثم تبدل الأرض غير الأرض والسموات».
وحديث عن عائشة بطرق عديدة وصيغ متقاربة جاء في إحداها : «قلت : يا رسول الله إذا بدل الأرض غير الأرض وبرزوا لله الواحد القهار أين الناس يومئذ؟ قال : على الصراط» (١). وفي إحداها : «قال لها لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك قال هم يومئذ على جسر جهنّم». وعن ابن أيوب قال : «أتى
__________________
(١) هذا الحديث رواه مسلم والترمذي أيضا انظر التاج ج ٤ ص ١٣٧.