الناس والإيمان بما احتوته الآيات من تقريرات غيبية تكوينية واجب. ومع ذلك فإن جملة (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) التي بدئت بها الآيات قد تفيد أن السامعين ومنهم الكفار كانوا يشاهدون ويحسون ويتصورون الشؤون التي احتوتها وفاق ما جاء فيها فشاءت حكمة التنزيل أن تذكرهم بما يعرفون ويعترفون من مظاهر قدرة الله وبديع نواميس كونه في مقام التنديد.
ونقول هنا ما قلناه في المناسبات المماثلة إن الآيات يجب أن تبقى في نطاقها التذكيري والتنديدي دون تمحّل لاستنباط القواعد الفنية من بعضها ودون توهم في تناقض بعضها مع ما عرف من حقائق هذه القواعد ، فإن هذا وذاك لا يتصل بالهدف القرآني.
(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥)) [٣٤ ـ ٣٥]
(١) الخلد : الخلود.
(٢) نبلوكم : نختبركم ونمتحنكم.
(٣) فتنة : اختبارا.
في الآيات :
١ ـ تقرير بأن الله قد كتب الموت على كل نفس ولم يجعل لأحد من قبل النبي خلودا.
٢ ـ وتساؤل يتضمن معنى التنديد عما إذا كان الكفار يظنون أنهم خالدون إذا ما مات النبي وفقا لسنة الله في خلقه.
٣ ـ وتقرير بأنّ كلّ نفس ذائقة الموت حقا وبأنّ جميع الناس راجعون إلى الله حتما. وبأنهم في الدنيا أمام اختبار رباني بالخير والشر حتى تتبين قابلية كل واحد