العاص جاء فيه : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» (١). كما أوردوا حديثا فيه حكم نبوي في حادث مشابه للحادث الذي روته القصة ، حيث روي : «أنّ ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا ـ أي بستانا ـ فأفسدت فيه فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أهل الحوائط حفظها بالنهار وضمان ما أفسدته المواشي فيها بالليل على أصحابها» (٢) فصار ذلك تشريعا إسلاميا يحكم به قضاة المسلمين حيث كانوا يبرئون صاحب الماشية إذا دخلت الأرض نهارا ويضمنونه ما أفسدته إذا دخلتها ليلا.
ولقد روي عن الحسن في سياق هذه الآيات قوله : «لو لا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا بصوابه ـ يعني سليمان ـ وأثنى على هذا باجتهاده ـ يعني داود» وأن الله اتخذ على الحكام والحكماء ثلاثا أن لا يشتروا بآيات الله وعهده ثمنا. ولا يتبعوا الهوى ولا يخشوا أحدا وهو ما جاء في آية سورة ص هذه : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [٢٦] وفي آية سورة المائدة هذه (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) [٤٤] وفي آية سورة البقرة هذه : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) [٤١] وهناك حديث نبوي سيق في هذا السياق رواه أبو داود والترمذي عن بريدة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار. فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحقّ فقضى به ، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار. ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار» (٣).
هذا ولقد أورد المفسرون (٤) في سياق تفسير هذه السورة وعلى هامش هذه الآيات أيضا بيانات مسهبة عن تسخير الجبال والطير لداود وتعليمه صنعة الدروع.
__________________
(١) انظر التاج ج ٣ ص ٥٩.
(٢) ورد هذا الخبر في تفسير الطبري والبغوي مرويا عن سلمة عن ابن اسحق عن الزهري عن حرام عن محيصة بن مسعود راوي الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٣) أورد هذا الحديث مؤلف التاج أيضا انظر ج ٣ ص ٥٣.
(٤) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.