وهذه حلقة سادسة فيها إشارة مقتضبة إلى إسماعيل وإدريس وذي الكفل وما كان من صبرهم ورحمة الله بهم لصلاحهم وإخلاصهم.
وهدف التذكير والعبرة فيها واضح أيضا. وقد ذكر الأنبياء الثلاثة في سور أخرى سابقة وعلقنا على شخصياتهم بما يغني عن تعليق جديد.
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)) [٨٧ ـ ٨٨]
(١) ذا النون : النون بمعنى الحوت. والجملة كناية عن يونس عليهالسلام على ما هو المتفق عليه. وقد ذكر في سورة القلم بصيغة (صاحب الحوت).
(٢) إذ ذهب مغاضبا : إذ خرج من بلده غاضبا وساخطا. وقد ذكرنا ما رواه المفسرون وما ورد في سفر يونان من سبب غضبه في سياق سورة الصافات ، فلا ضرورة للإعادة.
(٣) فظن أن لن نقدر عليه : أوجه التأويلات على ضوء ما ورد من قصته في سورة الصافات أنه ظنّ أن لا يلحقه غضبنا إذا ترك قومه وفرّ. فلما لحقه غضبنا وجعلنا الحوت يلتقمه أدرك خطأه وندم وهتف من باطن الحوت وهذا معنى (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) إنه من الظالمين فتاب الله عليه ونجاه من الغم.
ولقد قلنا في التعليق إن قصة أيوب عليهالسلام مفصلة في سفر مسمّى باسمه من أسفار العهد القديم. ولقد أورد المفسرون في سياق هذه الحلقة بيانات مسهبة مروية عن علماء الصدر الإسلامي الأول منها المتطابق مع هذا السفر ومنها غير المتطابق وفيها على كل حال دلالة على أن هذه القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم قبل البعثة. ومصدر ذلك هو الجاليات الكتابية على ما هو المتبادر. ولقد