(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢)) [٥٧ ـ ٦٢]
(١) وهم لا يظلمون : الجملة في مقامها في معنى لا ينقص شيء مما يستحقه الإنسان على عمله.
عبارة الآيات واضحة. وهي بمثابة استدراك لما سبقها. فالوصف السابق هو للكفار المنحرفين عن دين الله الذي بعث الله به رسله والذين لا يرعوون ولا يرتدعون ويتمسكون بما هم فيه من باطل ويعتدون به ويظنون بالله غير الحق. وهناك فريق من الناس اتبعوا دين الله الحق فآمنوا بالله وخافوا وفعلوا ما أمروا به من الخير. ولم يشركوا به شيئا. وتيقنوا بأنهم راجعون إليه. فهؤلاء هم السابقون إلى الخيرات النائلون لرضاء الله.
والمتبادر أن الآية الأخيرة بمثابة استدراك على ما في الآيات : فالله إذ يبين صفة المؤمنين المستحقين لرضائه بإيمانهم وأعمالهم الصالحة وخوفهم منه ويثني عليهم لا يكلف نفسا إلّا وسعها ولا يطلب من أحد إلّا ما هو قادر على فعله وهو مسجل لهم أعمالهم في كتاب ينطق بالحق دون أن ينقص لهم منهم شيئا.
وفي هذا توكيد للمبدأ القرآني المحكم الجليل الذي شرحناه في سياق سورة الأعراف.
هذا ، ولقد روى الترمذي (١) حديثا عن عائشة رضي الله عنها : «أنها سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الآية (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال : لا يا بنت الصدّيق ، ولكنهم الذين يصومون
__________________
(١) انظر التاج ج ٤ فصل التفسير ص ١٦٣.