وتحملهم على مضاعفة جهدهم في نيل رضاء الله في العبادة والتسبيح والذكر والإنفاق. وهو مما استهدفته الجملة فيما هو المتبادر.
ولقد روى المفسرون في سياق هذه الآيات أحاديث نبويّة عديدة. منها حديث رواه الطبري بطرقه بصيغ عديدة متقاربة عن معاذ بن جبل قال : «إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصوم جنة. والصدقة تكفر الخطيئة. وقيام العبد في جوف الليل ، وتلا الآية (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) إلى آخرها». وعن أبي هريرة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة ومن بله ما أطلعكم عليه اقرأوا إذا شئتم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٧)» (١). وروى البغوي بطرقه حديث معاذ بن جبل بتفصيل أكثر قال : «كنت مع رسول الله في سفر فأصبحت يوما قريبا منه وهو يسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال : لقد سألت عن أمر عظيم ، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه. تعبد الله ولا تشرك به شيئا. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحجّ البيت. ثم قال : ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصوم جنة. والصدقة تطفئ الخطيئة. وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) حتى بلغ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : رأس الأمر الإسلام. وعموده الصلاة. وذروة سنامه الجهاد. ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت : بلى يا نبيّ الله ، قال : فأخذ بلسانه فقال : اكفف عليك هذا. قال : فقلت يا نبيّ الله وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به. قال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلّا حصائد ألسنتهم». وروى بطرقه عن أبي أمامة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليكم بقيام الليل فإنه دأب
__________________
(١) روى هذا الحديث الشيخان والترمذي أيضا في سياق تفسير الآية. انظر التاج ج ٤ ص ١٨١ ـ ١٨٢.