الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)) [١ ـ ٤]
(١) طباقا : قيل إنها بمعنى طبقات بعضها فوق بعض. وقيل إنها بمعنى متطابقة أي متشابهة أو متساوقة في الإتقان والنظام والانتظام.
(٢) ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت : لا ترى فيما خلق الله عدم تناسب وعدم انسجام.
(٣) فطور : صدوع أو شقوق أو خلل.
(٤) خاسئا : ذليلا منكسرا.
(٥) حسير : كليل أو تعب.
بدأت السورة بالثناء على الله. وهذا من أساليب النظم القرآني في مطالع سور عديدة ، وقد أعقب الثناء تنويه بمطلق تصرف الله عزوجل والإشارة إلى حكمته في خلق الناس وموتهم وبعثهم.
فلله التقديس والثناء. وهو الذي بيده ملك كل شيء المتصرف في هذا الكون تصرّفا مطلقا ، القادر على كل شيء قدرة شاملة تامّة. وهو الذي بيده الموت والحياة والقادر عليهما. وقد جعل ذلك وسيلة لاختبار الجنس البشري حتى يظهر الأحسن منهم عملا ، على غير حاجة وضعف لأنه قوي عزيز لا يدانيه في قوّته أحد وليس هو في حاجة إلى أحد ، والمتّصف مع ذلك بالغفران والصفح والتسامح. وهو الذي خلق السموات السبع بإتقان وانتظام وتطابق لا يمكن أن يرى الناظر إليها أي تفاوت أو تناقض أو صدوع أو شقوق أو خلل مهما دقّق في النظر وعاود التدقيق مرة بعد مرة وأجال النظر في جميع الأنحاء. ولن يلبث أن يرتدّ نظره ذليلا مذهولا حائرا كليلا مما يرى من العظمة ورائع الصنع والإتقان مستشعرا بعجزه عن درك الأسرار الربانية والإحاطة بها مستبينا ضالة شأنه إزاءها.
وأسلوب الآيات تقريري قوي موجّه إلى عقول السامعين وقلوبهم.