(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)) [٢٨ ـ ٣٠]
(١) غورا : غائرا في الأرض فينقطع عن النبع والجريان.
(٢) معين : لا ينضب أو جار ظاهر على وجه الأرض.
في هذه الآيات أمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بتوجيه سؤال استنكاري للكفار عما إذا كان يستطيع أحد أن يجيرهم من عذاب الله وبلائه الشديد إن مات النبي صلىاللهعليهوسلم ومن معه قبل نزوله عليهم أو رحمهم حين نزوله. وعمن يستطيع أن يأتيهم بالماء الدائم الظاهر إذا ما أصبح ماؤهم غائرا في الأرض. وأمر له أيضا بإعلان إيمانه وإيمان من معه إيمانا مطلقا بالله وتوكلهم عليه وحده وبإنذار الكفار بأنهم لن يلبثوا حتى يعرفوا من الفريقين المهتدي ومن هو المرتكس في الضلالة.
والآيات متصلة أيضا بما سبقها سياقا وموضوعا. وفيها توكيد لما تلهمه الآيات [٢٣ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٦] من الموقف الحجاجي الوجاهي الذي قام بين النبي صلىاللهعليهوسلم والكفار والتعقيب عليه كما هو المتبادر. وقد جاءت خاتمة لهذا الموقف أو التعقيب وخاتمة للسورة في الوقت ذاته.
ولقد قال بعض المفسرين (١) إن الآية الأولى تضمنت ردّا على الكفار الذين كانوا يتربّصون بموت النبي صلىاللهعليهوسلم ويتمنونه حتى يخلصوا منه وهو ما حكته إحدى آيات سورة الطور السابقة. وقد لا يخلو القول من وجاهة. ولكن التأويل الذي أوّلناها به هو الذي تبادر لنا أنه الأوجه. والله أعلم.
__________________
(١) انظر تفسير الطبرسي.