في هذه الآيات :
١ ـ سؤال عمّا يتساءل الناس عن صحته من الخبر العظيم العجيب واختلافهم في شأنه.
٢ ـ وتوكيد قوي بأن المتسائلين لا بدّ من أن يروه حقيقة ويعلموا صحته.
٣ ـ وسؤال في معنى التدليل على قدرة الله على ذلك في تقرير مشاهد عظمة الله في كونه ونواميسه. فهو الذي جعل الأرض ممهدة صالحة للسير والاستقرار. وأقام فوقها رواسي الجبال كالأوتاد. وخلق الخلق أصنافا. وجعل النوم انقطاعا عن الحركة ، والليل ظرفا للراحة والسكون ، والنهار للسعي والحركة والارتزاق. وبنى فوق الأرض سبع سموات عظمى. وجعل فيها سراجا شديد الحرارة والنور. وأنزل من السحب الماء المدرار فأخرج به الحبّ والنبات وجنّات الأشجار المتكاثفة.
وروح الآيات تلهم أن الضمير في (يَتَساءَلُونَ) و (مُخْتَلِفُونَ) و (سَيَعْلَمُونَ) عائد إلى الكفار. وقد قال المفسرون إن النبأ العظيم يمكن أن يكون البعث والحساب ويمكن أن يكون أمر النبوّة. ويمكن أن يكون القرآن. بل ذكر البغوي عزوا إلى مجاهد أن الأكثرين على أنه القرآن. وقد رجّح ابن كثير أنه يوم القيامة. والأقوال الثلاثة واردة على كل حال وإن كنّا نميل إلى ترجيح القول الأول وقد يكون في الآيات التالية تأييد لهذا الترجيح.
وأسلوب الآيات التي تعدد مشاهد الكون ونعم الله التي يتمتع بها الناس موجّه إلى كل فئة وقوي نافذ لأنه متّصل بمشاهداتهم وما يتمتعون به. ويلهم في الوقت نفسه أن السامعين ومنهم الكفار يعترفون بأن ما يرونه ويلمسونه ويتمتعون به هو من آثار قدرة الله تعالى وصنعته. ومن هنا يكون التدليل بها على قدرة الله على تحقيق النبأ العظيم الذي يتساءل عنه الكفار قويّا ملزما.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ