(كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ)». حيث ينطوي في الحديث تفسير وتبشير وإنذار معا. وقد أورد المفسرون أقوالا لابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم تفيد أن القصد من الجملة هو بيان ما يحدثه الكفر والآثام في قلب صاحبها من تحجّر وانغلاق وموتان.
ولقد روى المفسرون في مناسبة جملة (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) إلى الكلام عن رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة حيث استدل بعضهم وأوردوا أقوالا لبعض علماء التابعين وللإمام الشافعي في الاستدلال بها على ذلك وحيث أورد بعضهم أقوالا تفيد أن المقصود بالجملة حجب الكرامة والرحمة الربانية. وقد قال الطبري إن الجملة قد تحتمل هذا المعنى وقد تحتمل ذلك ولكن ليس فيها وليس هناك أثر نبوي يساعد على ترجيح أحدهما على الآخر.
ولقد شرحنا الموضوع الأصلي وعلقنا عليه في سياق تفسير الآيات (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣) في سورة المدثر بما يغني عن الإعادة.
(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)) [١٨ ـ ٢٨]
(١) إن كتاب الأبرار لفي علّيين : كلمة علّيين صفة مبالغة من العلو. وقد جاءت في مقابل سجّين ومما قيل إنها في السماء السابعة أو في السموات العليا أو عند عرش الله أو الجنة وعلى كل حال فإن الجملة تعني أن كتاب الأبرار قد كتب بأنهم سوف يكونون في عليين التي يتنعمون فيها.
(٢) المقرّبون : الأولى تعني الملائكة. والثانية تعني عباد الله المقربين على ما يلهمه مقام كل منهما.