وأرضه ، وشمسه وقمره ، وليله ونهاره ، وجباله وأنهاره ، وجنّات الأعناب والنخيل والزرع التي تكون في أراض متجاورة والتي يكون من شجرها ما يمتّ إلى أصل واحد ويسقي الجميع بماء واحد ويتفاضل مع ذلك في الأكل والطعم. وتقرر أن الله إنما يفضل هذا لقوم رزقوا العقل السليم والفكر اليقظ والنيّة الحسنة ليروا آيات الله الباهرة الدّالة على وجوده وقدرته وحكمته واستحقاقه للعبودية وصدق الدعوة إليه ووجوب الإيمان بأن الله لم يخلق هذا عبثا وأنه لا بدّ للناس من رجعة إليه والوقوف بين يديه.
وقد جاءت الآيات مقدمة وتمهيدا لما يأتي بعدها مما هو مألوف في النظم القرآني وجاءت مطلعا جامعا ورائعا من شأنه أن يسترعي الأسماع والأذهان وأن ينفذ إلى العقول والقلوب.
وهي ليست الأولى من بابها فقد سبق مثلها في سور أخرى. ومردّ التكرار هو تكرر المناسبات والمواقف ولقد سبق التعليق على ما احتوته من تقريرات وبخاصة موضوع (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) وموضوع (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) بما يغني عن تعليق جديد.
وجمل (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) قد تكررت أو تكرر معناها في أمثال هذه الآيات التي وردت في السور السابقة ومن ذلك سورتا النحل الآيات [١١ ـ ١٣] والروم الآيات [٢١ ـ ٢٤]. وينطوي فيها كما هو المتبادر تنويه بالعقلاء والمتفكرين الذين تؤهلهم عقولهم ومداركهم وتفكيرهم لتدبر نواميس الله في كونه وتفهمها تنويها ينطوي في ما يتبادر لنا على تحميلهم مسؤولية ذلك. ثم حثّ للسامعين والناس عامّة في كل وقت ومكان على تدبّر هذه النواميس وتفهمها بكل وسيلة وطريقة. وينطوي في ذلك وجوب دراستها للانتفاع بها على ما نبهنا عليه في المناسبات السابقة.
هذا وللصوفيين تفسير عجيب للآية الثالثة جاء فيه : «هو الذي بسط الأرض وجعل فيها أوتادا من أوليائه وسادة من عبيده. فإليهم الملجأ وبهم النجاة. فمن