منها أجادب فأمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا ورعوا وسقوا وزرعوا وأصابت طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقّه في دين الله ونفعه الله بما بعثني ونفع به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به». وينطوي في الحديث صورة تطبيقية للمثل الذي احتوته الآية كما هو المتبادر.
والتمثيل وإن كان متصلا من حيث السياق بعقيدتي التوحيد والشرك وما في الأولى من حقّ قائم نافع ودائم وفي الثانية من باطل وسخف ووهم فإنه بإطلاقه يصحّ أن يكون عامّ التطبيق شامل التلقين في كل متناقضين كالحقّ والباطل والصدق والكذب والإيمان والنفاق والكفر والجد والتهريج والعقل والهوى والعلم والجهل والنظام والفوضى إلخ وفي وجوب التمسك بالأولى دون الثانية وتأييدها.
(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨)) [١٨]
وفي هذه الآية :
١ ـ بشرى للذين استجابوا إلى دعوة الله فآمنوا به وصدقوا برسالة رسوله ، فلهم العاقبة الحسنى.
٢ ـ وتنديد وإنذار للذين لم يستجيبوا : فإن لهم سوء الحساب ومأواهم جهنّم وبئست هي من مضجع ومهاد. وأن مصيرهم من السوء والهول بحيث لو كان لهم ما في الأرض ومثله لهان عليهم أن يفدوا به أنفسهم!.
وظاهر أن الآية متصلة بالسياق ومعقبة عليه. ومستهدفة لتثبيت المؤمنين وتطمينهم وإرهاب الكفّار المشركين وحملهم على الندم والارعواء قبل فوات الوقت.