(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)) [١٩ ـ ٢٥]
(١) يدرأون : يدفعون.
تساءلت الآية الأولى تساؤلا استنكاريا عمّا إذا كان يصحّ التسوية بين الذي رأى نور الحق فشعّ في قلبه فاهتدى وتيقّن بأن ما ينزل على النبي إنما هو من الله ، وبين أعمى القلب والبصيرة ثم قررت : إنما يعقل هذا ويتذكر به ذوو العقول السليمة.
ثم احتوت الآيات التالية وصفا قويّا محببا لمن يشع الإيمان في قلوبهم ويهتدوا بهدى الله ورسوله. فهم الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون ما ارتبطوا به من مواثيق. ويصلون ما أمر الله به أن يوصل من رحم وبرّ ومعونة وتسديد وإصلاح. ويحسبون حساب الوقوف بين يدي الله ويستشعرون خشيته. ويصبرون على الشدائد والمواقف الصعاب في سبيل الله وابتغاء رضوانه وحسب. ويقومون بواجباتهم التعبديّة. وينفقون المال في السرّ والعلن في وجوه البرّ والمعروف. ويتقون عواقب الهنوات والسيئات ويدفعونها بالحسنات وأعمال الخير. فهؤلاء لهم خير الجزاء والتكريم في الآخرة ولمن سار على طريقتهم القويمة من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. حيث يدخلون الجنة ويتلقون تحية الملائكة من كلّ صوب.
واحتوت الآية الأخيرة بالمقابلة وصفا قويا لمن أظلمت قلوبهم وخبثت