(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)) [٢٧ ـ ٢٩]
(١) طوبى : روى المفسرون روايات كثيرة عن أصحاب رسول الله وتابعيهم بأن الكلمة اسم شجرة في الجنة. وأوردوا بعض الأحاديث النبوية في ذلك وإلى هذا فقد قالوا (١) في معناها اللغوي إنها بمعنى حسنى لهم وقرّة عين وفرح وغبطة وإنها من مصدر طاب وأن (طوبى لك) بمعنى أصبت خيرا وطيبا ، أي هي دعاء. وإنها مؤنث أطيب مثل حسنى مؤنث أحسن. وفضلى مؤنث أفضل. وجاء في لسان العرب (العرب يقولون طوبى لك إن فعلت كذا) ونحن نرجّح أنها هنا في معناها اللغوي. ولقد وهم بعضهم فقال إنها معرّبة من العبرانية لأن فيها كلمة مقاربة لها لفظا ومعنى. وهذا لا يقتضي أن تكون معرّبة لأن في العربية والعبرانية أصولا كثيرة مشتركة لأنهما من أصل واحد. وعروبة الكلمة اشتقاقا وصيغة واضحة. وهناك روايات غريبة عن ابن عباس أنها اسم الجنة في الحبشية وعن سعيد بن مسجوع أنها اسم الجنة في الهندية.
لم يرو المفسرون رواية خاصة في نزول الآيات والمتبادر أنها هي الأخرى متصلة أيضا بالسياق اتصال تعقيب وتنديد بالكفار وتنويه بالمؤمنين بالمقابلة. وفيها حكاية لما كان يتكرر من تحدي الكفار للنبي بالآيات وتطمين وتسرية له. فالكفار يظلون يتحدّون النبي بالإتيان ببرهان من ربّه على صدق دعوته. فعليه أن لا يعبأ بتعجيزهم. وأن يعلن أن الله يضلّ من يشاء وأن دعوته إنما يهدي الله إليها الذين حسنت نياتهم وطابت قلوبهم ورغبوا في الإنابة إلى الله فهم الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله. وهو الجدير باطمئنان القلوب بذكره. فيؤمنون ويعملون الأعمال
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والقاسمي والزمخشري والطبرسي.