قصة أخوين من بني إسرائيل أحدهما مؤمن اسمه يهوذا وثانيهما كافر غني اسمه قطروس أو يمليخا. وقال بعض المفسرين باحتمال أن يكون هذا المثل تصويريا وتقديريا لمؤمن وكافر.
والذي نستلهمه من روح الآيات ومضمونها أن المثل في صدد حادث واقع أولا وأنه وقع في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم ثانيا. وعلى الأخص أنه ليس قصة إسرائيلية قديمة ولا تصويرية تقديرية وحسب. لأن الصورة التي تضمنها المثل صورة حجازية عربية سواء في الجنة ونخلها وأعنابها أم فيما ورد من حوار حولها أم في أشخاصها.
والصلة قائمة بين هذه الآيات والآيات السابقة ، والراجح أن ضمير (وَاضْرِبْ لَهُمْ) راجع إلى الكفار موضوع الكلام السابق وهو قول جمهور المفسرين أيضا. ولقد نددت الآيات السابقة بطبقة الزعماء والوجهاء التي كانت تتبجح بمركزها ومالها وقوتها وتحتقر فقراء المسلمين فجاءت هذه الآيات تسرد حادثا واقعا معروفا لهم لتدعم به ما جاء في الآيات السابقة من تقرير كون الفضل وأحسن العاقبة للإيمان والعمل الصالح وأن اعتداد الكفار بمالهم وقوتهم لن يغني عنهم من الله شيئا ثم تبثّ الطمأنينة والأمل في قلوب فقراء المؤمنين. وواضح أن المثل وتلقينه وما فيه من معالجة روحية مستمر المدى بالنسبة لكل موقف مماثل بين كافر ومؤمن.
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦)) [٤٥ ـ ٤٦]
(١) اختلط به نبات الأرض : ارتوى به وكان سبب تكاثفه ونموه.
(٢) فأصبح : ثم أصبح.