ثم أكدت الآية الثالثة بأن الله لم يخلق السماء والأرض وما بينهما عبثا وإنما بحق وحكمة ولأجل معين في علمه. وعنفت الكافرين الذين يكابرون ويعرضون عما أنذروا به ودعوا إليه.
ويبدو من فحوى الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لما احتوته تلك من حكاية مواقف الكفار وأقوالهم ومجادلتهم.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦)) [٤ ـ ٦]
(١) أثارة من علم : شيء من علم يقيني تأثرونه عن أحد أو بينة أو دلالة من مثل ذلك.
في الآية الأولى أمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بسؤال الكفار سؤالا ينطوي على التحدي عما إذا كان شركاؤهم خلقوا شيئا من الأرض أو لهم شركة في السماء حتى يستحقوا العبادة مع الله ، وبطلب البرهان على الأهلية التي يرونها فيهم لذلك مستمدا من كتاب إلهي أو علم صحيح إن كانوا صادقين في دعواهم وعقيدتهم.
أما الآيتان الثانية والثالثة فقد احتوتا تعقيبا على هذا التحدي قائما على فرض الواقع من عجزهم عن الإجابة. وقد جاء ذلك بأسلوب التساؤل عما إذا كان هناك من هو أضلّ من الذين يدعون من دون الله من لا يمكن أن يستجيبوا لهم ولو ظلوا يدعونهم إلى يوم القيامة وهم في غفلة عن هذا الدعاء لا يدرون من عبادة عابديهم شيئا ولا يستجيبون لشيء من دعائهم أولا ، وإذا حشر الناس يوم القيامة وقفوا منهم ـ أي الكفار المشركين الذين كانوا يدعونهم في الدنيا ويعبدونهم ـ موقف