البحر. ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله ، فقال له موسى : أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا ، قال : ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا. قال : وهذه أشدّ من الأولى. قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه الخضر بيده ، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيّفونا ، لو شئت لاتخذت عليه أجرا ، قال : هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقصّ الله علينا من خبرهما. قال سعيد بن جبير (١) : وكان ابن عباس يقرأ (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) (٧٩) وكان يقرأ : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) [٨٠] وقد روى الترمذي (٢) في سياق هذا الحديث حديثا عن أبيّ بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا» وروى هذا (٣) أبو داود وزاد عليه : «لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا» وروى الترمذي في نفس السياق (٤) عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّما سمّي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فاهتزّت تحته خضراء». والمتبادر أن القراءة المنسوبة إلى ابن عباس وفيها زيادة على النص القرآني المتواتر بدون انقطاع كانت بسبيل التفسير والتوضيح.
وهناك رواية تذكر أن اليهودي نوفا قال إن صاحب الخضر هو موسى بن ميشا أو ابن يشا وليس موسى النبي.
وإلى جانب هذا الحديث الصحيح فإن المفسرين يروون روايتين أخريين عن سبب لقاء موسى بالخضر (٥) جاء في إحداهما عن ابن عباس : أن موسى سأل ربّه
__________________
(١) انظر التاج أيضا ج ٤ ص ١٥١.
(٢) انظر التاج أيضا ج ٤ ص ١٥١.
(٣) انظر المصدر نفسه.
(٤) انظر المصدر نفسه.
(٥) انظر تفسير الطبري والبغوي.