به فقال ما ترى؟ قال : أرى الأرض ، قال : فهذا اليمّ محيط بالدنيا ، إن الله بعثني إليك تعلّم الجاهل وتثبت العالم ، فأتى به السدّ وهو جبلان ليّنان يزلق عنهما كل شيء ثم مضى به حتى جاوز يأجوج ومأجوج. ثم مضى به إلى أخرى وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به حتى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب ثم مضى حتى قطع به هؤلاء إلى أمة أخرى قد سمّاهم» .. والحديث غير وارد في كتب الأحاديث الصحيحة وراويه من العهد المدني ويفيد على أن السؤال من يهود المدينة. وليس فيه ما يفيد مع ذلك أن الآيات نزلت بناء على هذا السؤال. وقد تضمن جوابا على السؤال بحيث لم يبق محل ليقال ذلك أيضا. ويكون إيراده في سياق الآيات في غير محله أيضا فضلا عن أن نصه وعدم وروده في الكتب الصحيحة يسوغان التوقف فيه. ولقد أورده ابن كثير وقال إنه لا يصح وفيه نكارة ، وأكثر ما فيه من أخبار بني إسرائيل أي ما عرف بالإسرائيليات.
وإلى هذا فإن الطبري روى أيضا أن السؤال أورد على النبي من المشركين في مكة. وإيراده في مكة هو ما نكاد نجزم به وإيراده من المشركين محتمل. وإن كنا نرجح هنا كما رجحنا في صدد السؤال عن أصحاب الكهف والرقيم أنه أورد من بعض المسلمين. وصيغة السؤال قد يسوغ هذا الترجيح فضلا عن ما ذكرناه من حالة التوتر واللجاج القائمة بين المشركين من ناحية والنبي من ناحية التي تجعل سؤالهم بعيد الاحتمال. وقد يصح أن يضاف إلى هذا احتمال كون ورود السؤال عن ذي القرنين كان في ظرف مقارب لورود السؤال عن أصحاب الكهف والرقيم أو معه. ويقوي هذا الاحتمال ورود القصتين في سورة واحدة.
ولقد احتوت كتب التفسير (١) بيانات كثيرة ومسهبة منها المعزوّ إلى بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل علي بن أبي طالب وابن عباس وأبي سعيد وعبد الله بن
__________________
(١) انظر كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي والزمخشري والقاسمي وغيرهم ، ومنهم من يتطابق مع من سبقه كأنما ينقل عنه وفي بعض ما يورده بعضهم زيادة ونقص وتغاير أيضا.