(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦))
ومرة أخرى يؤكد دعاء ابراهيم (ع) صفة الامن للبيت ، ومرة أخرى يؤكد معنى الوراثة لأهل الفضل والخير. ان ابراهيم (ع) قد أفاد من عظة ربه له في الاولى ، لقد وعى منذ أن قال له ربه (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وعى هذا الدرس ، فهو هنا في دعائه يخص الرزق بأهل الخير. انه لابراهيم (ع) الأواه الحليم القانت المستقيم ، يتأدب بالادب الذي علمه ربه فيراعيه ، في طلبه ودعائه ، ويجيء الرد من ربه عزوجل مكملا : (الذين لا يؤمنون ومصيرهم العذاب الاليم).
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩))
وبينا نحن في انتظار بقية الخبر اذ بالسياق يكشف لنا عنهما ويرينا اياهما ، كما لو كانت رؤية العين ، انهما أمامنا حاضران نكاد نسمع صوتيهما يبتهلان :
(رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) ... (وَتُبْ عَلَيْنا) وماذا في ثنايا الدعاء انه أدب النبوة ، وايمان النبوة وعقيدة اليقين والقطع ، لا الظنون والشك.
ثم هو طابع الامة المسلمة .. تضامن الاجيال في العقيدة ، ان أمر العقيدة هو شغله الشاغل وهمه الاول. (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) وكانت الاستجابة بعد قرون وقرون واذا بالرسول الامي العربي من سلالة ابراهيم الخليل يطهر بيته المقدس من رجس الأوثان ، ويجعله مصلى للقائمين والعاكفين والركع السجود.