ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩))
البيان : فهناك دائما تلك الشبهات الكاذبة ، هي التي تحيك في بعض الصدور أو الامنية العاتبة ، التي تهمس في بعض القلوب امام المعارك ، التي تنشب بين الحق والباطل ، ثم يعود فيها الحق بمثل اصابة أحد التي انتكب فيها المسلمون ، نكبة هائلة.
هناك دائما تقع الشبهة الكاذبة ، أو الامنية العاتبة : لماذا يا رب يصاب الحق وينجو الباطل لماذا يبتلى أهل الحق ، وينجو أهل الباطل ، ولماذا لا ينتصر الحق كلما التقى مع الباطل.
أليس هو الحق الذي ينبغي ان ينتصر. وفيم تكون للباطل هذه الصولة. وفيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتيجة. وفيها فتنة للقلوب وهزة للضمائر. ولقد وقع بالفعل يوم معركة أحد. فقال المسلمون ـ في دهشة واستغراب : (أَنَّى هذا).
ان ذهاب الباطل ناجيا في معركة من المعارك. وبقاءه متخشيا فترة من الزمان. ليس معناه ان الله تاركه. أو أنه من القوة بحيث لا يغلب.
كلا. انما هي حكمة وتدبير. هنا وهناك. يملي للباطل ليمضي الى نهاية الطريق. وليرتكب أبشع الآثام. وليحمل الأوزار. ولينال أشد العذاب باستحقاق. وليميز الخبيث من الطيب عند ما يبتلى الحق.
وليعظم الأجر لمن يمضي مع الابتلاء ويثبت عندما تزل أقدام أهل الباطل وتنهزم أو تميل مع الباطل المنتصر. وبذلك يحصل الكسب للحق. والخسران للباطل.
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) .. (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ