سَبِيلِ اللهِ) وتجردوا من الاعراض البدنية ، فقد اتصلوا بأرواحهم بالله ـ بقوالب أخرى ـ فهم يأكلون ويشربون كما كانوا في الدنيا هذه (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) انهم لم ينفصلوا من اخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً ...)
هذه الصورة الرائعة الهائلة كانت اعلانا قويا عند ميلاد هذه الحقيقة الكبيرة وكان هذا بعض ما تشير اليه الخطة النبوية الحكيمة (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
ثم تكون العاقبة كما هو المنتظر من وعد الله للمتوكلين عليه المكتفين به المتجردين له (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
بهذا يسجل الله لهم في كتابه الخالد ، وفي كلامه الذي تتجاوب به جوانب الكون وما حواه. (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) ان الشيطان هو الذي يضخم من شأن أوليائه ويوقع في قلوبهم الرعب والخوف ، والشيطان ماكر خداع غادر ، ينشر الخوف في صدور أوليائه.
ويعرف المؤمنون هذه الحقيقة فلا ينخدعوا ولا يدنوا منهم تخوف الشيطان لعلمهم بمكره. ويعلمون يقينا ان القوة التي تخاف وترجا هي قوة الخالق العظيم لا غير وسواه أموات. لا يخشى منهم الا من جهل خالقهم (فَلا تَخافُوهُمْ ، وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم.
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨)