عزوجل عنده الظاهر والباطن على حد سواء لا تخفى عليه خافية ، ولذا قد نسب الله تعالى خداعهم لانفسهم وان كانوا لا يعتقدون بان الله يعلم ما يسرون.
وفي هذا النص وأمثاله نقف أمام حقيقة كبيرة ، وأمام تفضل من الله تعالى. حيث يؤكد القرآن ويقرر حقيقة الصلة بين الله والمؤمنين. فيضمهم اليه ويأخذهم في كنفه. ويجعل عدوهم عدوه. وما يوجه اليهم من المكر والخداع موجها اليه. وهذا هو منتهى التفضل العلوي الكريم. والذي يسكب في قلب المؤمن طمأنينة لا حد لها وهو يجعل قضيتهم هي قضيته. وهذا يعكس سخرية واستهزاء باعدائهم المنافقين وخداعهم الذي لا يضر الا أنفسهم ذلك الخداع الاثيم. وهذه حقيقة جديرة بان يتدبرها المؤمنون ليطمئنوا ويمضوا في طريقهم ولا يبالون بكيد المكيدين ، ولا خداع الخادعين ، ولا أذى الشريرين.
ويتدبرها أعداء المؤمنين فيفزعوا ويرتاعوا ، ويعرفوا من الذي يحاربونه. (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ).
انهم من الغفلة بحيث لا يخدعون الا انفسهم. يخدعون أنفسهم حين يظنون انهم أربحوها بهذا النفاق. وهم في الوقت ذاته يوردونها موارد التهلكة. وينتهون بها الى شر مصير.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠))
وانما سمى الشك في الدين مرضا لان المرض هو الخروج عن حد الاعتدال ، وكذلك القلب مالم تصبه آفة من الشك والقلق يكون سالما صحيحا. ولا شك بان امراض القلب اضر من أمراض البدن. وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم. ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيدهم هما وغما. فالمرض ينشىء المرض. والانحراف يبدأ