يسيرا ثم يزداد في كل خطوة فهم صائرون في مهاوى ساحقة. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) وسمى الغم مرضا لانه يضيق صدر صاحبه. وهو في الحقيقة اخبار عن خذلان الله اياهم. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) لتكذيبهم في قولهم (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ).
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِى ٱلْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون َ(١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ (١٢))
واذا قيل للمنافقين لا تفسدوا في الارض بارتكاب المعاصي وصد الناس عن الايمان بالله واتركوا ممالأة الكفار. فان فيه توهين للاسلام ، لم يكتفوا بان ينفوا عن انفسهم الفساد والنفاق ، حتى قالوا : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ، وأمثال هؤلاء كثير في كل زمان لان الموازين مختلفة في أيديهم ، ومتى اختل ميزان القيم والاخلاص والتجرد في النفس اختلت سائر الموازين والقيم. ولذا أجابهم خالقهم ب (إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ).
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣))
واذا قيل للمنافقين صدقوا بمحمد ص وآله وما أنزل عليه من ربه كما آمن غيركم. قالوا نصدق كما صدق الجهال فكذبهم الله تعالى وحكم عليهم بانهم هم الجهال في الحقيقة. وواضح أن الدعوة التي كانت موجهة اليهم هي أن يؤمنوا الايمان الخالص المستقيم المتجرد من الاهواء. وان يفتحوا صدورهم لرسول الله ص وآله. وواضح أنهم كانوا يأنفون من هذا التصديق والاستسلام ويرونه خاصا بفقراء الناس غير لائق بهم ذلك. فجاءهم الرد الحاسم (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ).
ومتى أحس السفيه بسفهه. ومتى استشعر المنحرف انه يسلك غير المسلك الصحيح.