(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠))
البيان : انه النداء العلوي للذين آمنوا ، نداؤهم بالصفة التي تربطهم بمصدر النداء ، والتي تلقى عليهم هذه الاعباء ، والتي تؤهلهم للنداء وتؤهلهم للخلافة في أرضه كما تكرمهم في السماء.
وسياق السورة حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى ، والصبر هو زاد الطريق الى سعادة الدنيا والآخرة ، والمرابطة الاقامة في مواقع الجهاد ، وفي سد الثغور لهجوم الاعداء.
ان هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي ، منهج يتحكم في ضمائرهم ، كما تتحكم في أموالهم ، كما تتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم.
والتقوى تصاحب هذا كله ، فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه ان يغفل ، ويحرسه من أن يضعف أمام الشدائد ، ويحرسه من أن يحيد عن الطريق التي رسمها له رب العالمين ، ولا يدرك الحاجة الى الحارس اليقظ الا من مارس الشدائد في طريق الحق والعدل ، (والله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب)
سوة النساء (٤)
مدنية آياتها (١٧٦)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١))
البيان : انه الخطاب للناس اجمع بصفتهم هذه لردهم جميعا الى ربهم الذي خلقهم من تراب ، ان هذه الحقيقة تجلو للقلب والعين مجالا فسيحا لتأملات شتى.
ان الناس جاءوا الى هذا العالم بعد ان لم يكونوا فيه ، فمن الذي جاء بهم ، انهم لم يجيئوا اليه بارادتهم ، فقد كانوا ـ اذن ـ غير