سورة آل عمران (٣)
(٢٠٠) آياتها مائتا آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥))
البيان : معجزة القرآن البارزة تكمن في أنه نزل لمواجهة واقع معين ، في حياة امة معينة ، في فترة من فترات التاريخ محددة ، وخاض بهذه الامة معركة كبرى ، حولت تاريخها وتاريخ البشرية كله معها ، ولكنه ـ مع هذا ـ يعايش ويواجه ويملك القدرة الكاملة ، ان يواجه الحياة في كل عصر وزمان ، مع جيل وأجيال حتى منتهى الزمان.
وكأنما هو يتنزل اللحظة لمواجهة الامة في شؤونها الجارية ، وفي صراعها الراهن من جميع الجهات ، داخل النفس ، وفي عالم الضمير ، بنفس الحيوية ، ونفس الواقعية التي كانت له يومذاك.
ان القرآن حقيقة ذات كينونة مستمرة كهذا الكون ذاته ، الكون كتاب الله المنظور. والقرآن كتاب الله المقروء ، (١) وكلاهما شهادة ودليل على صاحبه المبدع ، كما أن كليهما الكائن ليعمل ، والكون بنواميسه مازال يتحرك ويؤدي دوره الذي قدره له خالقه وبارئه.
والقرآن كذلك أدى دوره للبشرية ـ في أول نزوله ـ وما يزال هو هو يؤدي دوره في كل جيل وعصر.
__________________
(١) وعلي بن ابي طالب ع كتاب المنطوق كما قال هو عن نفسه (ع)