ولا يكلف الا بما يطيق ويقدر.
ومن ثم يستأسد كل انسان في الدفع عن نفسه ، والدفاع عن حق ربه بمقدار طاقته مادام هو الذي سيلقى جزاءه مفردا وحيدا لا يحمل وزره سواه ، ولا يتحمل وزر غيره.
ومن مقتضيات الايمان الصحيح أن ينهض كل فرد في الجماعة بحق الجماعة عليه بوصفه طرفا من حق الله في نفسه ، فهو مأمور أن يتكافل مع الجماعة في ماله ونفسه ، في جهده ونصحه ، في احقاق الحق ، وازهاق الباطل مفردا ومع الجماعة المسلمة ، وله الجزاء في حال الوفاء. ولو قصر جميع الناس ، وعليه العقاب في حال الخيانة والتقصير ، ولو وفى جميع الناس.
وكأنما سمع المؤمنون هذه الحقيقة وأدركوها ، فها هو ذا ينطلق من قلوبهم دعاء خافق واجف. يذكره النص القرآني بطريقة جذابة ، فكأنما نحن امام مشهد الدعاء يوم الجزاء فزعين (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ..) وهو دعاء يصور حال المؤمنين مع خالقهم العظيم وافتقارهم الى رحمته وجوده وكرمه ، والصاق ظهورهم الى كنف ركنه ، مع وجيب القلب ورفرفة الروح.
وهو دعاء ينبعث من صميم القلوب الحية ، ومن صميم العقيدة الصحيحة الثابتة. ان العبودية لله وحده ـ متمثلة في تلقي الشرائع والقوانين والقيم والموازين من كتاب الله واهل بيت رسول الله المعصومين (ع)
وهذه هي نقطة الانطلاق والتحرر البشري من سلطان الجبابرة والطغاة. وأخيرا يلصق المؤمنون ظهورهم الى ركن الله وهم يهمون بالجهاد في سبيله لاحقاق الحق الذي اراده الله عزوجل ، وتمكين دينه في أرضه واعلاء كلمته على الكون واهله. (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).