وهذا القرآن هو خطاب الله عزوجل لهذا الانسان لا يتغير ، لان الانسان ذاته لم يتبدل مهما تكن الظروف والملابسات قد تبدلت من حوله.
والقرآن يخاطبه في أصل فطرته ـ التي فطره خالقه عليها ـ وفي أصل حقيقته التي لا تبديل فيها ولا تغيير ، ويملك أن يوجه حياته في القرن العشرين ، كما كان يملك توجيهه في السادس ، عند نزوله على أهل ذلك العصر ، بدون فارق الا من حيث تطور الاجيال والافكار.
واذا كان من المضحك أن يقول قائل عن الشمس مثلا : هذا نجم قديم (رجعي) يحسن أن يستبدل به نجم جديد (تقدمي أو ان هذا (الانسان) مخلوق قديم (رجعي) يحسن أن يستبدل به كائن آخر (تقدمي) لعمارة الارض ، فاذا كان هذا القول عن هذه الاشياء الثابتة بالتبديل مضحك وتافه ، فأولى أن يكون هذا هو الشأن في القرآن المجيد خطاب الله الاخير للانسان في كل جيل. ومن ثم يتجلى ان هذا القرآن هو قرآن هذه الدعوة في أي مكان وفي أي زمان ، وهو دستور هذه الامم جمعاء في كل جيل ومن أي قبيل ، وهو حاد الطريق وهادي الى سواء السبيل على توالي القرون وممر الاجيال ، والعصور ، لانه خطاب الله الاخير لهذا الانسان في جميع العصور.
(الم)
البيان : هذه الاحرف المقطعة : ألف. لام. ميم. نختار في بيانها ـ على سبيل الترجيح ـ ما أخترنا في مثلها في أول سورة البقرة ، (انها اما اشارة للتنبيه الى هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الاحرف. وهي في متناول المخاطبين به من العرب. ولكنه ـ مع هذا ـ هو ذلك الكتاب المعجز الذي لا يملكون ان يصوغوا من تلك الحروف آية واحدة من مثله ولو اجتمع الانس والجن.