واما أن المراد من هذه الاحرف معاني مجملة خفية لا يعرفها الا الراسخون في العلم محمد وأهل بيته المعصومون ، لانهم هم تراجمة القرآن وسفراء الرحمن في كل زمان. (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
هذا التوحيد الخالص الناصع هو مفرق الطريق بين عقيدة المسلم وسائر العقائد سواء منها عقائد الملحدين والمشركين ، وعقائد أهل الكتاب المنحرفين ، من يهود ونصارى على اختلاف نحلهم.
ولقد حكى القرآن المجيد عن اليهود انهم يقولون : عزيز بن الله ، كما حكى عن النصارى انهم يقولون : ان الله ثالث ثلاثة ، وقولهم : ان الله هو المسيح بن مريم ، واتخاذ المسيح وامه الهين.
ومن ثم كان التميز والتفرد لطبيعة الحياة الاسلامية ـ لا لطبيعة الاعتقاد وحده ـ بكل مقوماتها ، انما تنبثق من حقيقة هذا التصور الاسلامي عن التوحيد الخالص الجازم ، التوحيد الذي لا يستقيم عقيدة في الضمير ما لم تتبعه آثاره العملية في الحياة ، من تلقى الشريعة والتوحيد من الله ورسوله وأهل بيته المعصومين (ع).
وهذه الآية تقرر أيضا وحدة الدين ووحدة الحق الذي تتضمنه الكتب المنزلة من عند الله. فهذا الكتاب نزله ـ عليك ـ (بِالْحَقِّ) (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من التوراة والانجيل ، وكلها تستهدف غاية واحدة ، (هُدىً لِلنَّاسِ) وهذا الكتاب الجديد هو (فرقان) بين الحق الذي تضمنته الكتب المنزلة ، والانحرافات والشبهات التي لحقت بها بفعل الاهواء والاغراض الخاصة.
ثم يؤكد القرآن العلم المطلق لله. الذي لا يخفي عليه شيء. فلن يفلت (شَيْءٌ) من علم الله. وكما لا يمكن التفلت في العلم. لا يمكن التفلت في الجزاء ـ يوم ترجع المخلوقات الى خالقها وتوفى كل نفس