والمكانة ، وما هذه الفواصل التي يقيمها الناس في تصوراتهم بين الشهيد الحي ومن خلفه من اخوانه. والتي يقيمونها بين عالم الاحياء ، وعالم ما بعد الاحياء ، ولا فواصل ولا حواجز بالقياس الى المؤمنين ، الذين يتعالمون هنا وهناك.
مع ان جلاء هذه الحقيقة الكبيرة ذو قيمة ضخمة في تصور الامور ، انها تعدل ـ بل تنشىء انشاء ـ تصور المسلم للحركة الكونية التي تتنوع معها صور الحياة وأوضاعها ، وهي موصولة لا تنقطع ، فليس الموت خاتمة المطاف ، بل ليس حاجزا بين ما قبله وما بعده على الاطلاق.
انها نظرة جديدة لهذا الامر ، ذات آثار ضخمة في مشاعر المؤمنين ، واستقبالهم للحياة والموت وتصورهم لما هنا وهناك ، (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
والآية نص في النهي عن حسبان ان الذين قتلوا في سبيل الله ، وفارقوا هذه الحياة ، وبعدوا عن أعين الناس .. أموات .. ونص كذلك في اثبات أنهم (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
ومع اننا في هذه الحياة الفانية ـ لا نعرف نوع الحياة التي يحياها الشهداء ـ الا ما يبلغنا من وصفها في الاحاديث الصحاح ، الا ان هذا النص الصادق من العليم الخبير. كفيل وحده بان يغير مفاهيمنا للموت والحياة ، وبينهما من انفصال والتئام ، وكفيل وحده بان يعلمنا ان الامور في حقيقتها بالاستناد الى الظواهر التي تدركها ، لا ننتهي الى ادراك حقيقي لها وانه أولى لنا ان ننتظر البيان في شأنها ممن يملك البيان على واقعه وهو علام الغيوب.
فهؤلاء ناس منا يقتلون وتفارقهم الحياة التي نعرف ظواهرها ، ويفارقون الحياة كما تبدو لنا من ظاهرها ، ولكن لانهم (قُتِلُوا فِي