لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) انه سبحانه يوآسي النبي ص وآله. ويدفع عنه الحزن الذي يساور خاطره ، وهو يرى المنافقين يسارعون بالكفر ، ويمضون بعنف مع اهل الباطل لانه قد انتصر في وقت ما. وكأن الحزن يساور قلب النبي ص وآله حسرة على هؤلاء العباد ، الذين يراهم مشمرين ساعين الى النار ، وهو لا يملك لهم ردا ، وهم لا يسمعون له انذارا ، (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ ...)
وهؤلاء هم المهازيل الذين يميلون مع كل ريح ويتبعون كل ناعق. انما يريد الله سبحانه ان يجعل قضية العقيدة قضيته هو. وان يجعل المعركة مع المشركين معركته هو ، ويريد دفع عبء هذه العقيدة عن عاتق النبي ص وآله ، وعاتق المسلمين ، والذين يسارعون في الكفر انما يحاربون الله ، وهم أضعف من أن يضروا الله عزوجل ، (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
أجل كان الايمان مبذولا لهم ، فباعوه واشتروا به الكفر ، على علم وعن بينة جلية ، اولئك هم المنافقون الذين تركوا نبيكم مسجى على فراشه ـ بلا غسل ولا دفن ـ واسرعوا الى رياستهم الباطلة الغاشمة فامضوا عقدها واحكموا رباطها بالباطل. (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) ، وهكذا ينكشف ان الابتلاء من الله نعمة لا تصيب الا من يريد له الخير ، فاذا أصابت أولياء الله عزوجل ، فانما تصيبهم لخير يريده الله لهم ولا ينالونه الا بذلك.
وهكذا تستقر قلوب أهل الايمان وتطمئن نفوسهم ويفرحون بالارباح الهائلة بتلك المصيبة ، ولقد شاءت حكمة الله البالغة وبره بالمؤمنين أن يميزهم ـ يوم أحد ، ويوم السقيفة الخبيثة ـ عن المنافقين