يا ابن آدم بمشيئتي كنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبارادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبعصمتي وعفوي وعافيتي أديت فرائضي ، وأنا أولى باحسانك منك ، وانت أولى بذنبك مني.
فالخير مني اليك بما أوليت يدا ، وللشر اليك بما جنيت جزاء ، وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي ، فالحمد والحجة عليك بالبيان ، ولي السبيل عليك بالعصيان ، ولك الجزاء الحسنى عندي بالاحسان ، لم أدع تحذيرك ، ولم آخذك عند غرتك ، ولم أكلفك فوق طاقتك ولم أحملك من الامانة الا ما أقدرتك ، رضيت منك لنفسي ما رضيت به لنفسك ، ولن أعذبك الا بما عملت.
يا عبادي كلكم ضال الا من هديت ، فسلوني الهدى أهدكم ، وكلكم فقير الا من أغنيت ، فسلوني الرزق أرزقكم ، وكلكم مذنب الا من عافيت فسلوني المغفرة أغفر لكم ، ومن علمي اني ذو قدرة على المغفرة فمن استغفرني وأناب الي غفرت له. الحديث القدسي.
وتذكر هذه الحقيقة واجب على الامة المسلمة ليذكرها الله فلا ينساها ، ومن نسيه الله فهو مغمور ضائع لا ذكر له في الخير والسعادة ، ولا ذكر له في الملأ الاعلى ، ومن ذكر الله ذكره ، ورفع من وجوده ، وذكره في الكون العريض.
ولقد ذكر المسلمون الله فذكرهم ورفع ذكرهم ومكنهم من القيادة الراشدة ، ثم نسوه فنسيهم فاذا هم همل ضائع ، وذيل تافه ذليل ، والوسيلة قائمة ، والله تعالى حي قيوم يدعوهم في قرآنه المجيد : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ، و (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) ، (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) و (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).