ومن وحدة الالوهية التي يؤكدها هذا التأكيد ، يتلق منها الخلق قواعد الاخلاق والسلوك ، ويتوحد المصدر الذي يتلقى منه الخلق أصول الشرايع والقوانين ، ويتوحد المنهج الذي يصرف حياة الخلق في كل طريق.
وهنا يستهدف السياق اعداد الامة المسلمة لدورها العظيم في الارض ، يعيد ذكر هذه الحقيقة التي تكرر ذكرها مرات ومرات في القرآن المكي ، والتي ظل يعمق جذورها ، ويمد في آفاقها حتى تشمل كل جوانب الحس والعقل ، وكل جوانب الحياة والوجود.
فهو يعيد ذكر هذه الحقيقة ليقيم على أساسها سائر التشريعات والتكاليف ، ثم يذكر من صفات الله تعالى أنه (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).
فمن رحمته السابغة العميقة الدائمة تنبثق كل التكاليف ، وهذا الكون كله شاهد بوحدانيته.
وهذه الطريقة في تنبيه الحواس والمشاعر جديرة بان تفتح العين والقلب على عجائب هذا الكون وهي دعوة لأولي الالباب لعلهم يعقلون للانسان ان يرتاد هذا الكون الذي يراه بحواسه وكم في هذه المشاهد من عجيب وكم اختلجت العيون والقلوب ، وهي تطلع عليها مرة بعد مرة. ثم الفتها ففقدت هزة المفاجأة ، ودهشة المباغتة ، وروعة النظرة ولذا يقول عزوجل :
(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) س ٦٧ ٤ ي
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) س ١٢ ١٠٥ ي
أولئك الذين اتخذوا من دون الله أندادا ، فظلموا الحق وظلموا أنفسهم ولو مدوا بابصارهم الى يوم يقفون بين يدي الله الواحد