ان الله سبحانه يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه الى عون ودفع لتنهض به وتستجيب له ، مهما يكن فيه حكمة ونفع ، حتى تقتنع به وترتاض عليه.
ومن ثم يبدأ التكليف بذلك النداء الحبيب الى المؤمنين ، المذكر لهم بحقيقتهم الأصيلة ، ثم يقرر لهم ـ بعد ندائهم هذا ـ ان الصوم فريضة قديمة على كل من آمن بالله واليوم الآخر ، وان الغاية الاولى منه هي اعداد قلوبهم للتقوى التي هي الغاية الوحيدة لوجود الانسان في هذه الحياة.
هكذا تبرز الغاية الكبرى من الصوم ـ انها التقوى وتكامل النفس الانسانية ـ فالتقوى هي التي تستيقظ القلوب لتحذر من الدنو الى معصية الله التي فيها لهم البلاء والشقاء في الحياة والممات ، فطاعة الله وايثار رضاه هي غاية وجود الانسان ، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من الفساد. والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله عزوجل ، وثقلها في ميزان الفضيلة والكمال الانساني ، فهي غاية قصوى تتطلع اليها أرواحهم ، وهذا الصوم أداة من أدواتها وطريق موصل اليها ، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون اليه عن طريق الصيام .. (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
عن الامام الصادق (ع) : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ، ومن صام في السفر فعليه القضاء.
وعن الامام الباقر (ع) : قال سمى رسول الله قوما صاموا في السفر انهم العصاة الى يوم القيامة. وانا لنعرف ابناءهم وابناء ابنائهم الى يومنا هذا يصومون قبل الوقت ويفطرون قبل الوقت ويحجون قبل الوقت ولا يطوفون طواف النساء فتكون نساءهم عليهم حرام