والقرآن المجيد يعالج بنا هذا الانسان نفسه بناء شخصيته وضميره وعقله وتفكيره ، كما يعالج بنا المجتمع الانساني الذي يسمح لهذا الانسان بان يحسن استخدام هذه الطاقات المذخورة فيه.
وبعد أن يوجد الانسان السليم التصور والتفكير والشعور ، ويوجد المجتمع الذي يسمح له بالنشاط يتركه القرآن ليبحث ويجرب في مجال العلم والبحث والتجريب ، وقد ضمن له موازين التصور والتدبر والتفكير الصحيح.
كذلك لا يجوز أن نعلق الحقائق النهائية التي يذكرها القرآن احيانا عن الكون في طريقه لانشاء التصور الصحيح لطبيعة الوجود وارتباطه بخالقه ، وطبيعة التناسق بين أجزائه.
لا يجوز أن نعلق هذه الحقائق النهائية التي يذكرها القرآن بفروض العقل البشري ونظرياته ولا حتى بما يسميه (حقائق علمية) مما ينتهي اليه بطريق التجربة القاطعة في نظره.
ان الحقائق القرآنية حقائق نهائية قاطعة مطلقة. أما ما يصل اليه البحث الانساني ـ ايا كانت الادوات المتاحة له ـ فهي حقائق غير نهائية ولا قاطعة ، وهي مقيدة بحدود تجاربه وظروف هذه التجارب وأدواتها. فمن الخطأ المنهجي ـ بحكم المنهج العلمي الانساني ذاته ـ أن نعلق الحقائق النهائية القرآنية بحقائق غير نهائية ، وهي كل ما يصل اليه العلم البشري.
هذا بالقياس الى (الحقائق العلمية) والامر أوضح بالقياس الى النظريات والفروض التي تسمى (علمية) ومن هذه النظريات والفروض كل النظريات الفلكية ، وكل النظريات الخاصة بنشأة الانسان واطواره ، وكل النظريات الخاصة بنفس الانسان وسلوكه ، وكل النظريات الخاصة بنشأة المجتمعات وأطوارها ، فهذه كلها ليست (حقائق علمية) حتى