فان اهل مكة ليس لهم متعة الحاج فعمرة المتعة التي هي قبل الحج لمن بعد منزله (١٨) ميلا وما زاد (وَاتَّقُوا اللهَ) في المحافظة على هذه الاوامر والنواهي (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) الرفث الجماع ، والفسوق الكذب والسباب ، والجدال الحلف بالله ... (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) يعني أيام التشريق ، وذكر الله فيها التكبير في أعقاب الصلوات ، من ظهر يوم النحر الى صلاة الفجر من اليوم الثالث لمن كان بمنى (فَمَنْ تَعَجَّلَ) استعجل النفر من منى. (فِي يَوْمَيْنِ) بعد يوم النحر اذا فرغ من رمي الجمار (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (وَمَنْ تَأَخَّرَ) لليوم الثالث ، هذا لغير من اصطاد في احرامه واتقى الصيد) الصافي.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧))
البيان الصافي : هذه اللمسات العجيبة من الريشة المبدعة في رسم ملامح النفوس ، تشي بذاتها بان المصدر لهذا القول المعجز ليس مصدرا بشريا على الاطلاق ، فاللمسات البشرية لا تستوعب ـ في لمسات سريعة كهذه ـ أعمق خصائص النماذج الانسانية ، بهذا الوضوح وبهذا الشمول.
ان كل كلمة أشبه بخط من خطوط الريشة في رسم الملامح وتحديد السمات .. وسرعان ما ينتفض النموذج المرسوم كائنا حيا ، مميز الشخصية حتى لتكاد تشير باصبعك اليه.
هذا المخلوق الذي يتحدث فيصور لك نفسه خلاصة الخير ، ومن الاخلاص ، ومن التجرد ومن الرغبة في افاضة الخير والبر والسعادة