وان هو الا عذاب الله وعقابه ، لانهم غيروا وبدلوا نعمة الله كفرا وطغيانا وعنادا وعصيانا ، ولو انهم دخلوا في حزب الله وأصبحوا من أوليائه لأصبحوا في أمان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))
البيان ـ لقد زينت للذين كفروا هذه الحياة الدنيا الخداعة الغرارة لأهل الكفر والضلال بشهواتها وملذاتها الفانية البالية ، والآتية الوقتية ، المشوبة بالبلاء والشقاء لأهلها بقدر ما نالوا منها ، واكثرهم ثروة وجاها أكثرهم بلاء وعناء ، وخزيا وشقاء في الدنيا والآخرة ، ومع هذا كله فان هؤلاء الغارقين في وحل الارض ، ينظرون للذين آمنوا فيرونهم معرضين عما يتكالبون ويتعاركون عليه من حطام هذه الجيف الدنيوية ، فيهزأون منهم ويسخرون.
(اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
ولكن هذا الميزان الذي يزن الكافرون به القيم ليس هو الميزان الصحيح ، انه ميزان الارض والطين ، ميزان الكفر والضلال ، انه ميزان الهوى والشهوات.
اما ميزان الحق والعدل فهو في يد الخالق العظيم ، العلي القدير ، وهو يعرف حقيقة قيمة اهل الايمان ووزنهم الروحي الانساني ، فانه يزنهم بميزان الفضيلة والكمال والشرف والعفة. فأهل الايمان يلحظون قيمتهم الحقيقية في هذا الميزان ، العدل المستقيم لا غير وسواه فهو تافه. وعلى أهل الايمان أن يمضوا في طريقهم ولا يحفلون بما يقوله السفهاء ويفعله الحمقاء فان أهل الكفر غدا مستقرهم في قعر النيران ، وأهل الايمان فوقهم في أعلى الجنان.
وستظل الحياة أبدا تعرف هذين النموذجين من البشر .. تعرف