المشركين (انهم أهل كتاب) وانما خاطبهم الله تعالى في القرآن بهذا الخطاب من باب الزامهم لما يدعونه فقط لا غير.
وفي الحقيقة ليسوا هم بأهل كتاب منزل من الله الحق المبين ، وما بأيديهم من صنعهم فقط. وها هو يقول عزوجل : (اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) ـ (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) من الكذب والتضليل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١))
البيان : لقد جاءت هذه الامة المسلمة لتنشىء في الارض طريقها على منهج الله وحده ، متميزة منفردة ظاهرة ، لقد انبثق وجودها ابتداء من منهج الله لتؤدى في حياة البشر دورا خاصا لا ينهض به سواها. لقد وجدت لاقرار منهج الله في الارض ، وتحقيقه في صورة عملية ذات معالم منظورة ، تترجم فيها النصوص الى حركات وأعمال ، ومشاعر أخلاقية وأوضاع وارتباطات.
وهي لا تحقق غاية وجودها ، ولا تستقيم على طريقها ، ولا تنشىء في الارض هذه الصورة الوضيئة الفريدة من الحياة الواقعية الخاصة المتميزة ، الا اذا تلقت من الله وحده ، والا اذا تولت قيادة البشرية بما تتلقاه من الله وحده .. اما هذا ، واما الكفر والضلال والانحراف.
هذا ما يؤكده القرآن الكريم ويكرره في شتى المناسبات ، وهذا ما يقيم عليه مشاعر الجماعة المسلمة ، وهنا في هذه الآيات يحذر الامة المسلمة من اتباع غيرها ، ويبين لها كذلك طريقها لانشاء الاوضاع الصحيحة.
ويبدأ بتحذيرها من اتباع أهل الكتاب ـ الذين يدعون انهم من أهل الكتاب والكتاب الحقيقي ليبرأ منهم ـ ان طاعة اهل الكتاب