البيان : لقد نزل هذا التحذير والتهديد ، مع فضح تعللات اليهود في عدم الايمان بمحمد ص وآله وردا على ما بدا من سوء أدبهم مع ربهم ، ومن كذب علمائهم ، الذين يضلاون جهالهم.
وان كان مدلول الآيات عام يشمل اليهود ويشمل سواهم في كل عصر وجيل ، ممن يبخل بما آتاه الله من فضله ، ويحسب أن هذا البخل فيه ربح له والله يخبره بان فيه خسران الدنيا والآخرة ، وله في الدنيا العناء والشقاء ، وفي الاخرة العقاب والعذاب الذي لا يطاق ، (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) فصبروا على ما كذبوا حتى أتاهم نصر الله عزوجل.
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦))
البيان : انه لا بد من استقرار هذه الحقيقة في نفس كل مؤمن ، وهي ان حقيقة الحياة في هذه الارض موقوتة ومحدودة بأجل مقدر ، وتنتهي بموت الصالحين ، والاخيار والاشرار ، بموت المجاهد وبموت المختبىء ، الكل يموت (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) هذا ظاهر اللفظ.
اما في الحقيقة والواقع ان الانسان لا يموت ولا يقدر الموت ان يميته ، وانما الذي يموت ويفنى هو بدن الانسان وجسمه ، والانسان نفسه حين موت جسمه ينتقل فورا اما الى الجنة او الى النار وذلك في عالم البرزخ الذي هو مقر الانسان من حين موت جسمه الى أن يبعث الله تعالى الاجسام مرة أخرى وترجع المخلوقات بأرواحها الى أبدانها التي فارقتها عند الموت.