في توبتهم المخلصين في انابتهم ورجوعهم الى خالقهم ومولاهم اما الذين يموتون على اجرامهم وعصيانهم لمولاهم ، فهؤلاء يموتون على غير دين الله وعلى غير الاسلام وان كانوا يقرون بأفواههم وأعمالهم أعمال الملحدين المكذبين فانهم يموتون كافرين. (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) وهكذا يشتد المنهج الرباني على المجرمين كما يرحب بالتائبين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١) وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (٢٢))
البيان : كان العرب في الجاهلية اذا مات الرجل فاولياؤه أحق بامرأته يرثونها كالبهائم وكان بعضهم اذا توفي عن امرأة فوليه يتولى أمرها اما ينكحها واما يزوجها ويأخذ صداقها. وكان بعضهم اذا طلق المرأة يمنعها ان تتزوج غيره ، حتى يعطى مما يريد ويرضى.
وهكذا مما لا يتفق مع النظرة النزيهة في الاسلام ، ومن هذا الدرك الهابط رفع الاسلام تلك العلاقة الى تلك المستوى العالي الكريم اللائق بكرامة بني آدم ، الذين كرمهم الله وفضلهم تفضيلا. فحرم الاسلام جميع تلك الجرائم ، كما حرم العضل ـ وهو تعذيبها حتى تسامح بصياقها مقابل اطلاقها ـ والاسلام الذي ينظر الى الزوجة بوصفها سكنا وأمنا وينظر الى العلاقة الزوجية بوصفها رحمة للرجل ويقيم الاسرة على الاختبار المطلق كي تقوم على التحابب والتعاطف ، هو الاسلام ذاته الذي يقول للرجال (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً).