اذا تاب. كلا ، فان باب التوبة مفتوح لا يغلق ابدا وان الله يحب التوابين ـ
ولكن ارتكاب بعض الجرائم تعمي بصيرة صاحبها وتقيده بحيث تفلت الارادة منه وتصبح تحت قيادة الشيطان ، ومعلوم بان الشيطان للانسان عدو مبين لا يدعه يخرج من الضلال الى الهدى.
ان الكفر حجاب فمتى سقط اتصلت الفطرة بالخالق ، واتصل الشارد بالركب على الطريق وذاقت الروح تلك الحلاوة التي لا تنسى ، حلاوة الايمان ، فالذين يكفرون بعد الايمان انما يكشف كفرهم أن ايمانهم لم يكن صحيحا ولا حقيقة ، وانهم لم يتذوقوا حلاوة الايمان أصلا. وهذا هو معنى النفاق. وما النفاق في حقيقته الا ان الشيطان يأمر بعض اتباعه بالمظاهرة بالايمان ثم يأمره بان يفعل ما يتنافى مع الايمان ليلوث المؤمنين ويحملهم على اتباعه فيما فعل أو في اتباعه حين اظهار ارتداده عن الايمان ، كما أخبر الله بذكر عنهم فقال عزوجل :
(وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ٣ س ٧٢ ي
ومن هنا تبدأ الحملة التي سبقت الاشارة اليها على النفاق والمنافقين بشتى أساليبها الجديرة بالدراسة والتأمل لمعرفة طبيعة المنهج وهو يزاول العمل على الطبيعة ، وفي الواقع الحياة والقلوب (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
تبدأ حملة التهكم في استعمال كلمة (بشر) مكان كلمة (أنذر) وفي جعل العذاب الاليم الذي ينتظر المنافقين بشارة. (واما قوله عزوجل : (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) انما هي علامة على نفاقهم وعدم ايمانهم حقيقة كما هو الايمان في حقيقته وواقعة.