هذه الدنيا ـ من بلاء أو هناء ـ ليس هو نصيبه كله. وانما هو قسط ضئيل من ذلك النصيب الموفور المدخر له بعد الموت. حيث يوافي الحساب والجزاء والموت الذي لا يفوته ، ولا يمكنه الفرار منه. وينتهي كل ما يتكالب عليه الناس الى الزوال. وفي آخر المطاف يكون الافتراق. أما المدح والثناء. أو التبرئة والحساب. أما النعيم الخالد أو العذاب الدائم. اما الجنة أو النار. اما صحبة الابرار. أو صحبة الاشرار.
(فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) ولا هم منها مخرجون. (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) ـ الشديد سورة النساء آية ٥٥.
فلا ظلم هناك ولا جور. ولا بخس ولا ضياع حقوق. حاكم عادل وكتاب أحصى كل شيء.
(هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة الجاثية آية ٢٩
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) سورة الزلزلة.
وأصبحت بعون الله وتوفيقه. أرى أن الانسان اكرم على خالقه اكثر بكثير من كل تقدير عرفته البشرية المنحطة. بما ينحصر في جسمه وشهواته. وما في هذه الحياة الوقتية.
انه كريم وعظيم. قد اعتنى به خالقه اعتناء لا يدرك. قد نفخ فيه من روحه. وأسجد له ملائكته. وجعله خليفة في أرضه. وخلق له كل ما في الوجود وجعلها طوعا لارادته. وأباحها له. وأمره باداء شكره. وألزمه بطاعته كل ذلك لسعادته. وليصبح طاهرا نقيا. كاملا شريفا. صالحا للخلود في جنته برفقة أوليائه وأنبيائه.
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ.