بقلم وبياض لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ابدا. فيقول أهل السقيفة له انه يهجر وحسبنا كتاب الله. فأي الجوابين أسفه وأقبح يا أولي الالباب سبحان الله ما اشبه المقامين.
كأنما يجوز لانسان يعرف الله ـ فضلا عن أن يكون رسول الله ـ ان يتخذ اسم الله وأمره مادة مزاح وسخرية بين الناس ، لكن قاتل الله أهل الهوى والنفاق كيف يصنعون.
وكان رد موسى (ع) على هذه السفاهة أن يستعيذ بالله أن يكون من الجاهلين. وكان في هذا التوجيه كفاية ليثوبوا الى أنفسهم ، وينفذوا أمر نبيهم ، ولكنهم بنو اسرائيل.
نعم لقد كان بوسعهم ـ وهم في سعة من الامر ـ أن يمدوا أيديهم الى أية بقرة فيذبحوها فاذا هم مطيعون لأمر الله منفذون لاشارة رسوله (ع). ولكن طبيعتهم الملوثة أبت عليهم ذلك. والسؤال بهذه الصيغة يكشف انهم ما زالوا في شكهم أن يكون موسى (ع) هازئا فيقولون له : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) فكأنما هو ربه وحده لا ربهم كذلك ، وكأن المسألة لا تعنيهم انما تعني موسى (ع).
وهكذا ضيقوا على أنفسهم دائرة الاختيار ، ومضوا في طريقهم يعقدون الامور على أنفسهم ولم يكن بد كذلك أن يزيد الامر عليهم مشقة وتعقيدا ، وبعد أن ضاق مجال الاختيار :
(قالُوا : الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) كأنما كان كل ما مضى ليس حقا (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).
وتصل المسألة الى الجانب الثاني من جواب القصة ، جانب دلالتها على قدرة الخالق العظيم. وحقيقة البعث وطبيعة الموت والحياة ، لقد كشف الله لقوم موسى عن الحكمة من ذبح البقرة.