ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أذن لي أن أحدّث عن ملك في حملة العرش ، رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش ، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول : سبحانك اللهمّ وبحمدك لم يخل منك مكان (١).
قوله : (قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٢٧) : قال الحسن : فابتلى ، أي : فاختبر منه ذلك فوجده صادقا.
قوله : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) : يقول انصرف عنهم (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) (٢٨). قال بعضهم : ذكر لنا أنّها امرأة من أهل اليمن كانت في بيت مملكة يقال لها بلقيس بنت شر حبيل فهلك ملك قومها فملّكت. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لن يفلح قوم تملكهم امرأة (٢).
قال : وكانت إذا رقدت غلّقت الأبواب ، وأخذت المفاتيح ووضعتها تحت رأسها. فلمّا غلّقت الأبواب وأوت إلى فراشها أتاها الهدهد حتّى دخل من كوّة بيتها ، فقذف الصحيفة على بطنها أو بين ثدييها ، فأخذت الصحيفة فقرأتها ف (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) (٢٩) : [أي : حسن ، حسن ما فيه] (٣) (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ) : أي لا تمتنعوا عليّ. وقال بعضهم : لا تخلّفوا عليّ [وأتوني مسلمين]. وكذلك كانت تكتب الأنبياء جملا ، لا يطيلون ، ولا يكثرون.
قوله : (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (٣١) : يعني الإسلام. وقال الكلبيّ : (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) أي : وأتوني مقرّين بالطاعة مستسلمين ، ليس يعني الإسلام.
__________________
(١) كذا وردت الجملة الأخيرة في ب وفي ع : «سبحانك لم يخل منك مكان» ، وفي سع ٦٧ ظ ، وفي سح ورقة ٢٥ : «سبحانك حيث كنت». والحديث صحيح تقدّمت الإشارة إليه فيما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٤ من سورة الأنعام.
(٢) حديث صحيح أخرجه البخاريّ في كتاب المغازي ، باب كتاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى كسرى وقيصر. وفي كتاب الفتن ، باب الفتنة التي تموج كموج البحر عن أبي بكرة ، ولفظه : «لّما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّ أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة».
(٣) زيادة من سع وسح. وقال الفرّاء في المعاني : «جعلته كريما لأنّه كان مختوما ، كذلك حدّثت. ويقال : وصفت الكتاب بالكرم لقومها لأنّها رأت كتاب ملك عندها فجعلته كريما لكرم صاحبه».