في النار ، أي : إنّهما لا يستويان ، أي : لا يستوي من يدخل الجنّة ومن يدخل النار. وبعضهم يقول : نزلت في النبيّ عليهالسلام وأبي جهل (١).
قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) : أي في الآخرة ، يعني المشركين (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٦٢) : أي في الدنيا أنّهم شركائي ، فأشركتموهم في عبادتي.
(قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) : أي الغضب (٢) ، يعني الشياطين الذين دعوهم إلى عبادة الأوثان (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ) : أي أضللناهم (كَما غَوَيْنا) : أي كما ضللنا (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (٦٣) : أي لا سلطان كان لنا عليهم استكرهناهم به ، وإنّما دعوهم بالوسوسة كقول إبليس : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) [إبراهيم : ٢٢] ، وكقوله في قولهم : (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) [الصافّات : ٣٠] ، وكقول الله : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) [سبأ : ٢١] ... إلى آخر الآية. وكقوله : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢) أي : بمضلّين (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) [الصافّات : ١٦٢ ـ ١٦٣].
قال : (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) : يعني الأوثان (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ) : أي ودخلوا العذاب (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) (٦٤) : [أي : لو أنّهم كانوا مهتدين في الدنيا ما دخلوا العذاب. وبعضهم يقول : لو أنّهم كانوا مهتدين] (٣) أي : في الدنيا كما أبصروا الهدى في الآخرة ما دخلوا العذاب ، وإيمانهم في الآخرة لا يقبل منهم.
قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) : يعني المشركين (فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (٦٥) : يستفهمهم ، فيحتجّ عليهم ، وهو أعلم بذلك ، ولا يسأل العباد عن أعمالهم إلّا الله وحده.
قال : (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) : أي الحجج (يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) (٦٦) : أي أن يحمل بعضهم عن بعض من ذنوبه شيئا ، في تفسير الحسن.
وقال مجاهد : (لا يَتَساءَلُونَ) أي : بالأنساب ، وفي تفسير بعضهم أنّه لا يسأل قريب قريبه أن
__________________
(١) انظر اختلاف المفسّرين فيمن نزلت فيهم هذه الآية عند الواحديّ ، أسباب النزول ، ص ٣٥٣ ، وتفسير الطبريّ ، ج ٢ ص ٩٧.
(٢) وقال ابن قتيبة : «أي : وجبت عليهم الحجّة فوجب العذاب».
(٣) زيادة من ز ورقة ٢٥٦ ، ومن سح وسع.